Image Image Image Image Image Image Image Image Image Image

مجلة الرؤية-العدد 1 |

انتقل إلى الأعلى

أعلى

لا توجد تعليقات

الأحاديث الضعيفة والموضوعة في المرأة وأثرها في فكر المجتمع المسلم. لدة. مريم عطية. مختارات من مقدمة الكتاب

إعداد: نادية الشرقاوي

الحمد لله ربّ العالمين، رضي لنا الإسلام دينا، ومحمّدا نبيّا وهاديا ورسولا، أرسله بالحقّ إلى النّاس كافّة بشيرا ونذيرا، فأوضح شرائع الله وأدّى فرائضه حتىّ كمل للنّاس دينهم، وتمّت عليهم النّعمة، ورضي لهم الإسلام دينا دائما ثابتا، لا ينطفي نوره ولا تبيد معالمه، ولا تندثر شرائعه حتى يرث الله الأرض ومن عليها.

وليعمّ نور هذه الرّسالة وتظلّ راياتها مرفوعة حتى قيام السّاعة أوضح الله سبحانه مصادر النّور ومراجع الهدي في حياة الرّسول وبعد وفاته، فأمر بطاعته وطاعة رسوله بقوله: ﴿أطيعوا الله وأطيعوا الرّسول وأولي الأمر منكم﴾ فثبتت من خلال هذه الآية و غيرها وجوب طاعة الله بطاعة كتابه تعالى والالتزام التامّ بمحكم ما ورد فيه من إتباع أوامره، واجتناب نواهيه وثبتت حجيّة السّنة النبويّة التي لم ينازع فيها أحد من المسلمين، والتي مثّلت المرحلة التّطبيقية البيانية في حياة الرّسول، فوجب فهمها واتّباع ما ورد من صحيحها، ونفي ما اعتورها من أباطيل وأكاذيب.

والسّنة النّبوية عرفت بعد الفتنة التي وقعت بين سيّدنا علي ومعاوية حركة وضع اجتاحت الفرق والأجناس والأعراق والحكّام ولم تنأ عنها مسائل المرأة.

وإنه ليؤسف كلّ غيور على هذا الدّين أن يرى مسائل المرأة المسلمة تُحكَم بالأحاديث الضّعيفة والموضوعة، وإنه ليحزن أيضا أن ترى من يدّعي الدّعوة، ويدعو إلى الإسلام يرمي وراء ظهره بالسّنن الصّحيحة الثّابتة والمتواترة عن رسول الله …

أفهكذا نقدّم لديننا؟ أوليس الحبّ الذي نزعمه لرسول الله إنما تُجمع مكامنه في فهم سنّته واتّباعها؟

إنّ الذي أصابنا ليس أكثر من فهم منقوص، واتّباع مغلوط، ودعوة نفّرت المسلمين وغير المسلمين، وبحثي الذي أنجزته ما هو إلا استقصاء لمجموعة من الأحاديث الضعيفة والموضوعة قيلت في المرأة اشتهرت بين النّاس وتبلورت في ذهن المجتمع المسلم على أنّها منظومة دينيّة، معتمدة أثّرت في فكر هذا المجتمع وفي طريقة تعامله مع المرأة.

وليعلم القارئ الكريم أنّ كل الأحاديث التي جمعتها لم تخل من أمرين:

–                   إمّا أنّها موضوعة وملفّقة عن رسول الله.

–                   وإما أنّها ضعيفة، وكلّ الضعيف الذي سأذكره منشؤه الطّعن في عدالة الرّاوي، ومن كان هذا شأنه فإنّ ضعفه باق لا يزول ولا تؤثّر فيه المتابعة.

أليس حريّا بعد هذا أن نسعى لإحياء السّنن الصّحيحة، ونميت الباطلة والمكذوبة، أم أنّنا سنظلّ ندّعي الدّعوة باسم السنّة ونحن نحتكم للموضوع والضّعيف منها.

وإذا كانت السّنن الصّحيحة لا تكفي لتغيير أفكارنا الخاطئة، فلنعلم إذا أنّ العيب ليس في الإسلام بل العيب فينا.

 

إذا استثنينا تاريخ المرأة المسلمة التي عرفناها زمن الرّسالة، وفي عهد النبوّة، وما بعده بقليل، فإنّنا نلحظ آثار طمسٍ بعد هذا التّاريخ لكلّ ميزاتِ المرأةِ في تلك الحقبة.

وإذا استقرينا تاريخا بين قول رسول الله “لا تمنعوا إماء الله مساجد الله” وبين من زعموا أن رسول الله قال: “صلاةُ المرأةِ وحدها تفضلُ على صلاتها في الجمع بخمسٍ وعشرين درجة” فإنّ بين القولين محطّات نهوضٍ وركودٍ…

فما الذي جناه التّاريخ أيّام قول الصحابيّة لرسول الله: “ذهب الرّجال بحديثك فاجعل لنا من نفسك يوما نأتيك فيه، تعلّمنا مما علّمك الله»[2] … وبين ذلك الزّمن الذي قالوا فيه كاذبين: (لا تُسكنوهنّ الغرف ولا تعلّموهنّ الكتابة)[3].

إنّني كلّما دققّت النّظر في ذلك الزّمن تعجّبت كيف استطاع المغرضون أن يطمِسوا نصوصا صريحة تدفع المرأة لبناء ذاتها وأسرتها ومجتمعها، ويستعيضوا عنها بنصوصٍ ملفّقةٍ ومكذوبة، أسهمت بشكل أو بآخر في وأدٍ غير مسبوقٍ للمرأةِ المسلمةِ وللمجتمع المسلمِ.

إنني أيقنت تماما أنّ مشاركاتِ المرأة المسلمةِ تحت ذلك السّقف النّبوي قد ساهمت في مضاعفة وتيرة التطّور الحضاري، ولأنّ أعداء الإسلام لا يهمّهم من الإسلام سوى أن تُخمَد جَذوته، وأن ينطفئ نوره وشعلته فقد عمدوا إلى أحد أجنحته الفاعلةِ بقصّها وبنتفها باسمِ بعضِ الأحاديثِ المكذوبة.

وسيجد القارئ لبحثي هذا جملة من الأحاديثِ الضّعيفةِ والموضوعةِ في المرأة جمعتها من مصادر متعدّدة، وقد قسّمتها حسب مواضيعها إلى محاور مختلفةٍ لأثبت أخيرا أنّ تناقلها واشتهارها بين النّاس، جعلها تتبلور في ذهن المجتمعِ المسلمِ على أنّها منظومة دينية معتمدة، أثّرت في فكر المجتمع المسلم وفي طريقة تعامله مع المرأة أحقابا.

 فما الذي جعل مثلَ هذه الأحاديثِ الضعيفةِ والموضوعةِ تتجذّرُ في ذهن العقلِ المسلم وتشغله؟

 وما الذي جعل تلك الموضوعات تؤثّر في شخصِ المرأة، وعقلها وعطائها، وكيف أثّرت بالدّرجة الأولى في شلّ حركة وتطوّر المجتمع المسلم؟

وللإجابة عن هذه الأسئلة فقد قسّمت بحثي المعنون بـ: الأحاديث الضّعيفة والموضوعة في المرأة وأثرها في فكر المجتمع المسلم إلى العناصر الآتية:

– نظرة على حركة الوضع في الحديث عموما، وكيف مسّ هذا الوضع المرأة أيضا.

-استقصاء الأحاديث الضّعيفة والموضوعة من مظانّها.

-تقسيمها تقسيما موضوعيا.

-تحليل محتوى الأحاديث والتّنبيه إلى معارضتها للنّصوص الشّرعية من قرآن وسنّة.

-الإشارة إلى اجتهادات بعض الفقهاء المستندة إلى الأحاديث الضّعيفة والموضوعة.

-أهداف وضع مثل هذه الأحاديث وأثرها السّيئ في فكر المجتمع المسلم.

– نتائج البحث.

-قائمة المصادر والمراجع المعتمدة.


[1] هذا الكتاب صدر عن المنتدى الأروبي للمرأة المسلمة ضمن إصدارات مركز البحوث والدراسات الإسلامية لقضايا المرأة، تقديم الدكتور عبد الله يوسف الجديع، دار هيئة القرآن العالمية، مارس 2012.

[2] الحديث رواه البخاري ومسلم عن أبي سعيد الخدري قال: (جاءت امرأة إلى رسول الله فقالت: يا رسول الله ذهب الرجال بحديثك فاجعل لنا من نفسك يوما نأتيك فيه، تعلّمنا مما علّمك الله قال: (اجتمعن في يوم كذا وكذا في مكان كذا وكذا،فاجتمعن فأتاهن رسول الله فعلّمهن مما علّمه الله: ثم قال: ما منكن امرأة تقدّم بين يديها من ولدها ثلاثة إلا كان لها حجابا من النار، فقالت امرأة منهن: يا رسول الله أو اثنين فأعادتها مرتين ثم قال واثنين، واثنين، واثنين) . ينظر، ابن بطال البكري القرطبي، شرح صحيح البخاري، تحقيق ياسر بن ابراهيم، السّعودية، مكتبة الرشد، ط2، 1423هـ، 2003م، ج 10، ص357.

[3] رواه الخطيب عن عائشة مرفوعا وفي إسناده محمد بن إبراهيم الشّامي كان يضع الحديث ينظر، الشوكاني، الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة، تحقيق عبد الرحمن العلم، بيروت، المكتب الاسلامي، ط3، 1407 هـ، ج 1، ص127.

Teilanerkennungen finden hausarbeit ghostwriter werden ebenfalls von uns geprüft

أرسل تعليق